أطفال غزّة وصناعة الانتصار

19/09/2021
985 جار خوێندراوەتەوە

شاناز ئیبراهیم ئەحمەد

 يمكن القول، كلّ «آتو ثانية» من هذه الحرب هو صلب اهتمام الغالبيّة من الشعب العربي، يتتبع مجرياتها وتفاصيلها. هي معركة مفصليّة استثنائيّة على مختلف الأصعدة، إذ لم يسبق لإسرائيل أن تعرّت وسقطتْ أوراقها دفعة واحدة. باغتت المقاومة المحتلّ، وجرّدته من هالته الاصطناعيّة، وأصابت رأس أهدافه في مقتل. أُرسِيَتْ معادلة مغايرة؛ للمرّة الأولى يُجبَر اليهود على الهرْب، واللجوء إلى مخيّمات للنازحين. صورة الإسرائيلي الفارّ، المذعور، التائه في البراري ستحفرها الذاكرة والتاريخ، في مقابل أيقونة تمثّل أصحاب الأرض يحتفلون بعيد ميلاد فوق أنقاض منزلهم، وطفل يقف فوق الركام حاملًا علم فلسطين رافعًا إشارة النصر، والابتسامة تعلو محيّاه، وفتى آخر يسخر من الموت!

 ليس من باب المغالاة القول، إنّ أطفال فلسطين يكتبون النصر بأيديهم وهم يخطّون أسماءهم على أجسادهم لتُعرَف هويّاتهم في حال استشهادهم. كلّ منهم هو مشروع مقاوم. مجموعة لا تتعدّى أعمارهم سنّ الثالثة أو الرابعة يحملون رضيعًا منشدين: «الشهيد حبيب الله». غدا الموت لعبتهم،لا يهابونه، يتعاملون معه وكأنّه أحد أفراد أسرتهم، يتقبّلونه كما يتقبّلون الحياة كونه الطريق لتحرير الأرض من غطرسة المحتلّ. الصغار في تلك البلاد هم رجال ممهورون بفعل المقاومة، أشدّاء، صلابتهم من صلابة الصخرة المقدّسة، جراحهم تنضح زيتًا مقدّسًا.

 ما يحصل منذ السابع من أكتوبر يثبت أنّ الأرض ستعود إلى أصحابها الحقيقيّين. لا شيء مستحيل أمام شعب تغذّى في الرحم على الدفاع عن كلّ شبر من وطنه. يولد محتضِنًا أبجديّة المقاومة، ثمّ يشبّ مضيفًا إلى معجمها مجلّدات في فنون المواجهة والتصدّي، ولا يحلو له الموت إلّا شامخًا مناضلًا في سبيل قضيّته.